تأثير الحرب والنزاعات ... هنا وهناك
نبيلة اسبانيولي
هل الحرب تؤثر على النساء فقط؟ ما الفرق بين الرجال والنساء في هذا المجال؟ هل الدعوة موجهة للنساء فقط ؟ هذه بعض التساؤلات التى اثارها عنوان هذا اليوم الدراسي وكانت كثيرة...
بطبيعتي المتفائلة رأيت بهذه الردود مؤشر ايجابي, فالاهتمام بالموضوع والتساؤلات حوله وأثارت اهتمام الجمهور بما يحدث حولنا وتدراس الطرق والامكانيات والتحديات امامنا هي بعض الاهداف التى وضعناها نصب اعيننا لدى تنظيم هذا اليوم.
لقد عرضت لنا الاخت ساما عويضة والاخت الدكتورة خولة ابو بكر منطلقات البحث ومسار تطبيقيه وما ربطني مع هذا البحث عدة امور :
· كون البحث نسوي ذا منحى عملي , وهو نهج بحثي اعتقد انه يضع المؤسسات النسوية النسائية الفاعلة في الحقل امام تحدي حقيقي, فكوننا نسعى لتغيير واقع المرأة في مجتمعنا, في ظل ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية صعبة, من المهم جدا ان تنطلق مشاريعنا من واقعنا الذي نسعى لتغييره وصولا الى حلمنا للتاتير في مجتمعنا وبلورته كمجتمع مدني ديمقراطي. هذا يتطلب منا ليس فقط دراسة الواقع ومحاولة فهمه فقط بل التفاعل والعمل على تعزيز او تغيير ما نراه يساهم تعزيزه او تغييره في الوصول الى حلمنا. وهذا يتطلب تعامل نقدي مع معارفنا قيمنا معتقداتنا وممارستنا من جهة رصد ومتابعة وتقييم نتائج عملنا والاستشفاف حولها لنتعلم من نجاحاتنا واخفاقاتنا ولنحسن اداءنا على جميع الاصعدة وبشكل مستمر. اننا كمنظمات نسائية ونسوية وكنساء فاعلات في المجالات المختلفة من المهم ان نضع خطة لتعميق استخدام المنحى العملي في البحث في جميع مشاريعنا وهذا ما نرغب ان تناقشه المجموعة الاولى.
· كون البحث يتمركز بالنساء الفلسطنيات وممكن ان ينطبق على الفلسطينات في جميع اماكن تواجدهن بما في ذلك النساء الفلسطنيات في اسرائيل, فالصراع يؤثر علينا جميعا, كما ويؤثر على النساء اليهوديات في البلاد ولكنه حان الوقت ان نتدارس نحن النساء العربيات الفلسطنيات في اسرائيل ما مدى التأثير علينا وما هي طرق التعامل مع الوضع سعيا كما تقدمنا لتغييره. ليس فقط بهدف الوصول الى اتفاقيات تحل الصراع بل ايضا تغيير اوضاع الفقر والتهميش المثلث والمتعدد الاوجه الممارس علينا, واسماع صوتنا في جميع القضايا التى تهمنا, كفرص العمل, البنية التحتية, التصنيع, والوضع الاقتصادي للنساء عامة, حقوقنا المنتهكة كنساء, وحقوق الانسان عامة المنتهكة حولنا والمشرعة بكوننا في حالة صراع. اسماع صوتنا وصوت المخرسات منا المعايشات لانواع متعددة من العنف الاسري والمجتمعي, العنف والكبت الاجتماعي والجنسي والساعي لتنميط مجتمعنا بشكل عام وتنميطنا وتهميشنا واخراسنا. وهذا ما ستناقشه المجموعة الثانية.
· كونه يطرح فكر نسوي انساني, متميز. وهو طرح حياتي وخطاب نسعى في مركز الطفولة الى المساهمة في بلورته من خلال مشاريعنا المختلفة.
· كون البحث يتعامل مع موضوع يعتبر حساس في مجتمعنا وعلى الرغم من تعاطف وتماثل غالبية النساء مع الام الفاقدة وإلآمها اعتادت النساء على القمع المجتمعي وتقبلن الدور الملقى عليهن مجتمعيا. غالبية النساء في المجتمعات البطريركية يلعبن دور سياسي مجتمعي يرسمه لهن اصحاب القوة في هذه المجتمعات. فهن تلدن الاطفال ويربونهن ليصبحن لحم المدافع والقنابل وعادة تتقبل النساء هذا الدور ويذوتن الفكر البطريركي الذي يقنعهن ان هذا الثمن الباهظ لا بد منه وبانه لا توجد بدائل افضل. ويعزز ذلك بخطاب ايدولوجي وترهيبي يضمن ابقائهن كمتماهيات مع سياسة بظاهرها تحافظ على مصالحهن وبباطنها معادية للمصالح الحقيقية للمرأة وللرجل وللمجتمع بأكمله. وهذا ما ستناقشه المجموعة الثالثة فاقدات هنا وهناك هناك وهنا.....
فلو توفرت الامكانية للنساء للتعبير الحقيقي لارتبطن مع الام والحزن والفقدان الذي يعشنه ولادركن ان لا يوجد سبب يبرر هذه الخسارة. ولشاركنا اخواتهن من النساء اللواتي ادركنا الامر ولعبنا دور مهم في المجتمعات التى تعاني من ظروف الصراعات والنزاعات المسلحة. واصبحنا راس الحربة في السعي لانهاء الحروب. فهذه المجموعة من النساء ادركن العلاقة بين الشخصي والسياسي فادركن ان الحروب والنزاعات المسلحة لا تحل المشاكل التى تقام باسمها بل تخلق مشاكل جديدة, وسعينا من خلال نشاطهن لتحويل السياسي الى شخصي.
النساء الفلسطنيات في اسرائيل مهمشات حكوميا وبطريركيا فهن على الاغلب مغيبات ومخرسات من المشاركة السياسية الفعالة, فالنساء النشيطات قلة مجتمعية. ولكن تأثير النزاعات المسلحة كبيرة. ففي بحث اجرته مؤخرا الاخوات د. داليا ذكش ود. عماليا سعر وساري اهروني من مركز المرأة للمرأة في حيفا عبرن 40% من النساء اليهوديات والفلسطينيات في اسرائيل عن الاساءة التى حصلت على مركزهن الاقتصادي. و24% عبرن عن اساءة في وضعهن الصحي. 32% من النساء عانين من العنف السياسي. وقد وجدن ان النساء الفلسطينيات كن اكثر تأثرا خاصة عندما ارتبط الامر بالصحة النفسية والوضع الاقتصادي. (تقرير ملخص لاهم للبحث متوفر للراغبين/ات).
البعض يحاول رفض مقولة التأثير ويقارن بين وضعنا وأوضاع أخوتنا واخواتنا في الضفة والقطاع وفي مخيمات اللجؤ, للتقليل من اهمية التعامل مع الموضوع ومن العمل على تغيير الوضع القائم, ونسمعهم يقولون "شو احنا بالنسبة الهن" مما يؤدي الى اخراس وتهميش من نوع اخر, تهميش المعاناة والعذاب. تهميش الفقر والبطالة وتأثيرها الهدام..... وهذا نهج مرفوض فتماما كما رفضت وارفض المسابقة بين الشعب اليهودي والشعب الفلسطيني حول من منا عانى اكثر على مدى التاريخ!!!! أرفض تدريج المعاناة الفلسطينية. فمعانة الشعب اليهودي الجماعية على يد النازية تجربة تاريخية مهم ان يتعلم منها جميع الشعوب بما في ذلك الشعب اليهودي, ولا يمكن تحويلها الى ارقام وكميات تقاس وتقارن بمن اكثر او اقل. ارفض المسابقة بمن تـالم أكثر ومن عانى ويعاني اكثر. فكل ام او اب فقد ابن او ابنة يعاني ومعاناته حقيقية وحقه وحاجاته وقف هذه المعانة.
والتأثير لا يمكن قياسه بعدد القتلى والجرحى فقط .