الطّفولة المبكرة في السياق الفلسطينيّ
نبيلة اسبانيولي
اخصائية نفسية
مديرة مركز الطفولة
يرتبط تاريخ الاهتمام بالتربية في الطّفولة المبكرةبتاريخ التربية بشكل عام. وقد تأثّرت التّربية فيالمجتمعات الفلسطينيّة عبر الحقب التّأريخيةبالظّروف السّياسيّة والاقتصادية، وإرتبطت على مرّالعصور، في الوضع الإقتصاديّ والسّياسيّ فيالمنطقة فشهدت ازدهارًا واسعًا في فترات الإزدهارالعامّة، وتراجعت مع تراجعها[1].
4.1 لمحة تاريخية
بدأ الأهتمام بالتربية في فلسطين في فترة متقدّمةجدًّا، ولكن وعلى الرّغم من بدء الإهتمام بالتّعليم فيفترة مبكرة جدًّا في فلسطين، غير أنّ التّعليم العربيّفي نهاية الإنتداب، كان يعاني من إهمال كبير مِنحكومة الإنتداب ومن تبعيّة كبيرة للحكومة؛ إذحرمت حكومة الإنتداب الأطفال من الدّخول إلىالمدارس وعانى مَن التحق بالمدارس من مضامين لالون ولا فحوى لها، خلت من الحسّ الوطنيّ، وسعت إلى زعزعة الرّغبة في العلم. وكانت بهذا الإهمالالمتعمّد والتّوجيه الخانق تطبق وعد بلفور بحذافيرهووقفت حجر عثرة أمام المجهودات الفلسطينيّةلزعزعة المشروع الصّهيونيّ. وعلى الرّغم من هذااستطاعت بعض الشّخصيّات التّربويّة من فرز فكرتربويّ وطنيّ، ما زلنا نعتزّ به ونبني عليه. ومنه منأصبح عمادًا للفكر التّربويّ في فلسطين.
ما ميّز مؤسّسات التّربية الفلسطينيّة إلى حين نكبة1948 :
· تمركز غالبيّتها في المدن الرّئيسيّة: القدس، يافا،حيفا، طبريّا، الرّملة، عسقلان، الخليل، صفد،قيساريا، نابلس، رام الله، عكّا، بئر السّبع، غزّة، ...
· عدم تغطيتها لاحتياجات السّكّان التّربويّة.
· مناهج رسميّة مغيّبة للهويّة الفلسطينيّة والإنتماءالوطنيّ.
· إبتدأت التّربية الرّسميّة في سنّ الخمس سنوات (ماعدا بعض روضات الأطفال أو الصّفوف التّمهيديّة في المدارس الخاصّة).
4.2 التّربية بعد النّكبة
إنّ هدم البنية القاعديّة الاقتصاديّة للمجتمع الفلاّحيّ،أدّى إلى تغيّرات اجتماعيّة وسياسيّة ترافقت مععوامل ذاتيّة مرتبطة بمميّزات المجتمع العربيّ، أثّرتمجتمعة على بنية المجتمع[2]. غير أنّ التّغيّراتالمادّيّة التّي حدثت نتيجة لعوامل وضغوطات خارجيّةقسريّة، لم ترافَق بطبيعة الحال بتغيّر متناسق فيالوعي المجتمعيّ- كما حدث إبّان الثّورة الصّناعيّة فيأوروبا مثلاً. لذا فما زلنا نرى بعض مميّزاتالمجتمع الفلاّحيّ سائدة حتّى يومنا هذا، كتوزيع العملالّذي ما زال غالبًا يقسم على أفراد العائلة، حيث تعتبرغالبيّة المسؤوليّات جماعيّة مشتركة. أيّ إنّ هدمالحَمولة والعائلة الموسّعة كوحدة اقتصاديّة لم يؤدّإلى محو تأثيرها، فما زالت تؤثّر على حياة أفرادها،على الرّغم من تفكّكها. لم تولد الحاجة المبكرةلإيجاد أطر رسمية لتربية الأطفال أو العناية بهمعند غياب الأُمّ عن البيت، كما حدث نتيجةلمسارات التّطوّر البنيويّة التّي ترافق التّغييراتوالتّغيّرات الاقتصاديّة في المجتمع، وتأخّر الأهتمامالواعي والرّسميّ بالتّربية في جيل الطّفولة المبكرةلذاتها، أيّ ليس كخدمة للأمّ العاملة.
4.3 التّعليم الفلسطينيّ في الضّفّة والقطاع تحتالإحتلال الإسرائيليّ:
يعتبر قطاع التّربية والتّعليم في ظلّ الإحتلال الإسرائيليّ من أبرز القطاعات التّي شملتها الممّارسات الإسرائيليّة القمعيّة وعلى مختلف الأصعدة. عمدت سلطات الاحتلال على إحكام قبضتها على هذا القطاع عن طريق السّيطرة على العمليّة التّعليميّة وإفراغها من محتواها. لاقت هذه الإجراءات الإسرائيليّة معارضة كبيرة فتراجعتبتفاوت عن فرض المنهاج الإسرائيليّ لاحقًا نتيجة للنّضال ضدّ هذه الممّارسات[3]. قامت سلطاتالاحتلال الإسرائيليّة باتّخاذ عدّة إجراءات منهجيّةلعزل القدس عن باقي المناطق الفلسطينيّة المحتلّةمن جهة وتضيق الخناق المستمرّ على من استطاعالبقاء والصّمود رغم الظّروف القاهرة من جهةأخرى، ولحق التّعليم في القدس هزّة عنيفة نتيجةالإجراءات الإسرائيليّة. وعلى الرّغم من أنّ إسرائيل قامت بضمّ القدس بخلاف المواثيق الدّوليّة وإحلال القانون الإسرائيليّ عليها، غير أنّ هذا القوانين تطبّق بحرفيّتها عندما يتعلّق الأمر بمنع الأهل من العيش ولا يطبّق عندما يرتبط الأمر بممّارسة حقّ من حقوق السّكّان الّتي تعتبرهم إسرائيل ذوي مكانة مقيمين دائمين فيها كالحق في التعليم المجاني والإلزامي من جيل 3سنوات.
لم تحظَ التّربية في جيل الطّفولة المبكرة باهتمامسلطات الاحتلال الإسرائيليّ ولم يأخذ مكانته داخلالسّلّـم التّعليميّ. فقد نمت روضات الأطفـال بشكلتلقائـيّ لا يتناسب مع النّموّ السّكّانيّ وتوزيعه فيفلسطين. وتركّز إعداد روضات الأطفال في مدنالضّفّة الغربيّة، وافتقرت إليها المناطق الرّيفيّةوالمخيّمات وقلّة منها في قطاع غزّة. حيث وصلتعدد الروضات سنة 1987 إلى 297 روضة[4] أنّالخدمات التّربويّة في الطّفولة المبكرة عانت منالتّمويل القليل ومن قلّة تدريب المربّيات[5] وعدممشاركة الأسرة.
4.5 بداية الأهتمام في الطّفولة المبكرة:
توفّر المقابلات والمجموعات البؤرية في هذهالدّراسة بعض المعلومات حول العمل في مجالالطّفولة المبكرة ففي الضفة وصفت إحدىالمشاركات في المقابلات المعمّقة الوضع السّائد معبداية عملها: "في السّنوات من 1967 وحتّى 1985لم يكن أيّ نوع من العمل الحكوميّ الواعي منالإحتلال في قطاع الطّفولة المبكرة، الحاجة في الحقلووجود قوى مجتمعيّة مبادرة بدأت تخلق خدماتللطّفولة". والسؤال من كانت هذه القوى المجتمعيّة؟أشار البعض إلى بداية الأهتمام بالطّفولة المبكرة منقبل بعض الجمعيات الخيرية: "جمعيّة طوباستأسّست عام 1966، وفتحت أول رّوضة في أوائلالسّبعينات" أمّا جمعيّة عارورة الخيريّة: فقد "تأسّستعام 1980، وتم إنشاء الرّوضة في تلك الفترة، حيثكانت الرّوضة الوحيدة في المنطقة". وتشير مشاركةاخرى إلى البدايات: "بدأنا بإنشاء أوّل رياض أطفالتطوريّة في الزّبابدة" أواخر السبعينات"، "اتحادالجمعيات الأهلية عندهم 83 روضة. وقد بدا التفكيرفي شعبة لبرامج تأهيل المربيات قبل تأسيسالمصادر حتى". ونلقى صورة مشابهة في اراضي48 "فتحنا أوّل روضة في النّقب سنة 82-83. لميكن أحد يعمل في الرّوضات". "أوّل حضانةتأسّست في النّاصرة سنة 1984". أشارتالمجموعة البؤريّة في غزّة أنّ "واقع الطّفولة قبل عام1990 وقبل تدخّل وتداخل "التّعاون": "كان يعوزهالتّخطيط المرحليّ والاستراتيجيّ، إذ تميّز بعدم وجودأساليب حديثة في رياض/روضات الأطفال. عدمتعاون الأهالي مع رياض/روضات الأطفال فيمناطقهم وعدم فهمهم لأهمّيّة هده المرحلة. البيئةالتعلّميّة نفسها كانت غير مهيّأة وغير ملائمة. كانتالرّوضات بغالبيّتها خاصّة أو تابعة للفصائلالسّياسيّة، وصبغة التعلّم تكون وفق اتّجاه الفصيلالسّياسيّ. ومفهوم الرّوضة؛ "إنْ كنت تملك/ينغرفتين يمكنك أن تنشئ/ي روضة". أما في لبنانفيمكننا الآستدلال أيضا من ما ورد في وثائق التّعاونبأن الروضات كانت قائمة ومدعومة من المقاومةالفلسطينيية: "... ففي لبنان وعلى أثر رحيل المقاومةالفلسطينيّة ولضمان استمرار عمل مؤسّساتالطّفولة، تركّز الدّعم في الحفاظ على روضاتالأطفال القائمة، وفتح روضات جديدة وتأهيلالمربّيات العاملات فيها"[6].
اما عن المربيات فنستشف التالي من المقابلاتوالمجموعات البؤرية: "بدأنا من الصّفر. حتّىالصّبايا لم ينهين صفّ 12". "حتّى البساتين كانتفي بداياتها، فمن أنهت صف الثّاني عشر كانت تدخلكمربّية بستان وفي مقابلة أخرى "غالبيّة المربّياتالعاملات في رياض الأطفال في منطقة المثلّث، حينتأسّست أوّل حضانة في المثلّت...، سنة 1989، كنّنساء غير مؤهّلات؛ يعملن من داخل بيوتهنّ". وفي"عكا 90% من المربّيات العاملات في رياضالأطفال كنّ غير مؤهّلات" " الدافع لتأسيس مركزالطّفولة في الناصرة سنة 1989 كان الحاجة لتأهيلالمربيات، فبعد أن فتحت مؤسّسة حضانات الناصرةعدّة حضانات وروضات في الناصرة كانت تواجهناصعوبة ايجاد مربيات مؤهّلات فبادرنا لفتح مركزالطّفولة." وفي غزة "لم يكن هناك اهتمام بنوعيّةالمربّية مؤهّلة أو غير مؤهّلة".
رافقت هذه البدايات تحدّيات جمّة "كتحفيز الأهاليعلى إرسال أطفالهنّ إلى الرّوضة"."واجهتنا كثير منالمشاكل في قضيّة الأبنية والبنية التّحتيّة. كلّ روضةتفتح كنّا نبني بناية. من البداية طبعا البنايات غيرمرخّصة وغير شرعيّة، تحت التّهديد المستمرّ بالهدم.وقد وصلتنا عدّة مرات اوأمر هدم. وقمنا بحملاتلمنع الهدم ونجحنا إلى حدّ ما".
اما النّهج المتّبع في الرّوضة في البدايات فقد أشارت جمعية مؤسّسة برامج التّربية للطّفولة المبكرة الفلسطينيّة – "بأنّ برنامج العمل في الزّوايا، تمّت ترجمته وتدرّبنا عليه على يد مدّربين/ات أجانب من أمريكا منذ عام 1977 في أوّل روضة في مخيّم النّصيرات (مخيم للاّجئين في المنطقة الوسطى من قطاع غزّة)، ثمّ تم تعميمه على كلّ الرّوضات (13 التّابعة للجمعيّة). ولاحقًا أستخدم لتدريب مربّيات بالتّعاون مع الوزارة ونقلت هده الخبرة لروضات المنطقة الجنوبيّة بدعم من CHF."
أشارات المشاركات من مركز المصادر أنّ المسحالّذي أجراه المركز سنة 1985 وجد "أنّ جميعروضات الأطفال هي رياض تقليديّة في نهج التعلّمالمتّبع، وكانت الرّوضة تعتبر "مضبّة" للأطفال منوجهة نظر المربيّات وأيضًا الاهل...، وقليل منهنّحاصلات على التّوجيهيّة العامّة، وفئة قليلة جدًّاحاصلة على شهادة الدّبلوم وليس بالضّرورة فيمجال التّربية". وتشير أخرى من المركز أنه "جرّاءهذا المسح تمّ الاستنتاج منه أنّنا بحاجة إلى كوادرلتقوم بالعمل المطلوب؛ تم إرسال 8 مدرّبين للولاياتالمتّحدة للتّدرّب على التعلّم النّشط بمجالاتمتعدّدة،...من بعدها، تمّ تطوير عدّة مواقع للخدمة،منها 3 مواقع رياديّة في نابلس والزّبابدة وحوّارةومخيّم شعفاط ومخيّم الجلزون والعيساويّة. أغلبالمواقع الرّياديّة ما زالت موجودة، لكن أغلق قسممنها وقسم منها تحوّل لخاص، وقسم آخر انتقل لأطرأخرى".
وتصف السّيّدة فانوش قسيس البدايات: "...وكانالمجتمع من حولنا ينتقدنا بشدّة، لأنّه لا يرى علامات،أو حفظ، أو كتابة. فوجدنا أنّه من المهمّ توعية الأهلحول تلك المرحلة من عمر الطّفل ومتطلّباتها، وقد تمّالعمل معهم ومشاركتهم بالأنشطة والإجتماع بهم،رغم أنّ العدد المشارك لم يكن كبيرا". وتصفتطوير العمل داخل روضات الفريندز كمسار داخليّ،تبادر إليه وتقوم به المربّيات كمبادرة ذاتيّة فتصفالبدايات بقولها: "كانت البداية بوضع عدّة خياراتللمنهج، يتمّ اختبارها وبالتالي استخلاص برنامجالعمل، وقد ركّزت جميع الإختبارات على (الموضوعالشامل)[7] Thematic Approach، وركّزنا علىمواضيع مثل: الذاّت والعائلة والعالم من حول الطّفلفيتعلّم اللغة والرّياضيات من خلال تعليمه المفاهيموالمهارات بطريقة ممتعة له. وخلال عمليّة التّطبيقلكلّ اختبار كان هنالك لقاءات ونقاشات لإجراءالتّعديلات المطلوبة".
4.7 نتائج وتوصيات
· نتيجة للمراحل التّاريخيّة والصّعوبات التّى مررنا بهافقد البعض منّا الثّقة بالذّات، وفسرّ هذه الصعوباتالمتكرذرة بقصور ذاتيّ حضاريّ وأصبح يرفض أويشكّك في كلّ ما هو عربيّ أو فلسطينيّ. لذا فنحنبحاجة إلى إعادة الثّقة بالذّات، وأحدى السّبل إلى ذلكهي التّعامل النّقديّ مع الموروث الثّقافيّ بحيث نعزّزما يتلاءم مع معارفنا ونهجنا ونربط المعرفة"العلميّة" الكونيّة الرسميّة المكتوبة بالمعرفة الشعبيّةالأصليّة المنقولة ونعيد بلورة الموروث ونعيد الثقّةبالذات.
· رعاية وتنمية الطّفولة كانت وستبقى جزءا لا يتجزأمن الحياة البشرية، ولذا نجد موروثنا الثقافيّ غنيا جدابالمعارف المرتبطة بالطّفولة المبكرة التى تولّدت عبرسنوات من التجارب الحياتيّة وتنعكس هذه المعارففي الأمثلة والحكايات الشعبيّة والأغاني والألعابوالممّارسات الشعبيّة. بعضها دثر وبعضها ما زاليمارس وينبض في الحياة. توثيق هذا الموروث مهمجدا لما يحتويه وما يرويه عنّا وعن تاريخنا. كماوأن التعّامل النقديّ معه والحوار مع الذّات ومعتاريخنا وموروثنا ومعارفنا العلميّة الكونيّة هو بحدّذاته وسيلة للمشاركة المجتمعيّة في رعاية وتنميّةالطّفولة بنهج شموليّ تكامليّ.
· لم تولد في مجتمعنا الفلسطيني والذي كان بغالبيتهمجتمع زراعي حتى 1948 حاجة مبكرة لإيجاد أطرداعمة لرعاية وتربية الأطفال أو العناية بهم عندغياب الأُمّ عن البيت، ونتيجة لعدم الوعي بأهميةالمرحلة، ممّا أدّى إلى تأخّر الإهتمام الرّسميّ بالتّربيةفي الطّفولة المبكرة، على الرغم من أن الإهتمام فيالتربية الرسمية بدأ في فترة مبكرة جدًّا في فلسطين.
· غياب سلطة مهتمة في تنمية المجتمع وتطويرالخدمات فتح المجال للعمل العشوائيّ التلقائيّ غيرالمخطط. وعلى الرغم من أن هنالك نقاطا ايجابيةرافقت غياب السلطة: كتعزيز المبادرات المجتمعيّة،وفتح المجال للإبداع وأخذ المسؤولية غير أن النقاطالسلبية كثيرة أيضا: كتمركّز روضات الأطفال فيالمدن والتجمعات السكانيّة الكبيرة بينما افتقرت إليهاالمناطق الرّيفيّة والمخيّمات خاصّة في الضفة غزةوال48.
· يوضح التاريخ ونتائج الدّراسة من مقابلاتومجموعات بؤرية أن مأسسة رعاية وتنمية الطّفولةمجتمعيّا ارتبطت في التّغييرات السّياسيّة والإجتماعيّةوالاقتصاديّة. ويظهر العرض التاريخي الملخّصمدى تأثير الأوضاع السياسية على الطّفولة المبكرةسلبا وايجابا. فالانتداب والنكبة والاحتلال منعواتطوّر التربية الفلسطينيّة بما في ذلك الطّفولة المبكرة. بينما الوعي السياسيّ ساهم في خلق مبادرات تربويّةكفتح الروضات وأطر الرعاية في الضفة، غزة،لبنان، ومناطق ال 48 من قبل الجمعيّات الخيريّةوالجمعيّات النسائيّة والأحزاب والفصائل المختلفة. وقد ارتبط بدء الإهتمام بتطوير بنية تحتيّة رسميّةللطّفولة الفلسطينيّة بالمبادرات المختلفة لبناء بنيةقاعديّة مجتمعيّة، سياسيّة تتلاءم مع التّحديات التّىوقفت أمام المجتمعات الفلسطينيّة. يتّضح من النتائجالميدانيّة أنّ البدايات الأولى كانت في سنوات الستينولكن مأسسة العمل في مجال الطّفولة في جميعالمناطق بدأت في نهاية السبعينات وبداية الثمنايناتعلى شكل مبادرات من قبل مجموعات سياسيّةوطنيّة، أفراد أو جمعيّات مختلفة؛ ويرتبط هذا علىما اعتقد بتطور الرؤية السياسيّة وكجزء منالمبادرات الوطنيّة لأخذ المسؤولية لقيادة المجتمعوالمساهمة في التنمية الشاملة، وتعزّز المقابلات هذاالرأي خاصّة لدى الحديث عن التحديّات ومواجهتها.
· نستدل ممّا ورد ان نهج العمل في الحقل حوى حتّىفي البدايات على نماذج متنوّعة منها تقليديّ ومنهاأقل تقليديّة وان نقص الكوادار البشريّة الفلسطينييّةالمؤهّلة دفع المؤسّسات إلى الاستعانة بخبراء أجانبأو ارسال الكوادر إلى خارج البلاد لتعزيز مهاراتهمومعارفهم المهنيّة. كما ونستدل وجود مبادرات محليّة تعلّيميّة.
· نلحظ في السنوات الأخيرة وفي كل المناطق زيادةالاهتمام في مأسسة التربية وزيادة الحضانات[8]والروضات التى تقدّم الخدمة للأطفال. تواجه هذهالخدمات تحدّيات عديدة تهدّد استدامتها ونوعيّةالخدمة المقدّمة بها ومضامينها. فتبقى نسب الإلتحاقبالرّوضات في الضفة وغزة مثلا متدنّية، بسبب عدممجّانيّته، على الرغم من التّزايد المستمر بعددالروضات ومعدلات الإلتحاق. بينما تصل نسبةالإلتحاق من مجموع الأطفال الفلسطينيّين في لبنانإلى 84%، وبكون الجمعيّات المسؤول الأساسيّ عنخدمات الطّفولة المبكرة في المخّيمات الفلسطينيّة،فالتحّدي الملازم للعمل هو ضمان الميزانياتللاستمرار وغالبا ما تعاني المربيات من هذه الشروطفأجورهن متدنية جدا. مضمون التّعليم الفلسطينيّونوعيته هو تحدي اخر يواجه برامج الطّفولة المبكرةففي اسرائيل المحاولة مستمرة لتدجين الإنسانالفلسطينيّ وتحويله إلى إنسان بلا هويّة وسلخه عنتاريخه العريق وأمّته العربيّة. وفي غزة والضفةتواجه برامج الطّفولة من الخصخصة وتحويلها إلىخدمات متوفّرة للأغنياء فقط.
· نتيجة لهذه التحديات فإنني أرى هنا أهمية توسيعمفهوم خدمات الطّفولة لتشمل البيت والمجتمعوبرامج غير منهجية وغير مؤسساتية تسمحالوصول إلى دوائر أوسع من الأطفال. كما وأرىأهمية تعزيز قدرات الأهل في رعاية وتنميةأطفالهم/ن من خلال فتح المسارات الحواريّة حولموروثنا المؤثّر في ممّارستنا اليوميّة لنعي هذاالتأثير ونأخذ مسؤولية لكي تبقى رعاية وتربيةالطّفولة جزءا لا يتجزأ من حياتنا.
· كما نوصي بتطوير حوار تربويّ فلسطينيّ شامل، يسهم في تضافر الجهود في تنمية ورعاية الطفل/ة الفلسطينيّ/ة أينما وجد/ت
[1] للمزيد من المعلومات، يمكنك مراجعة الموسوعة الفلسطينيّة. للمزيد يمكنمراجعة د.تفيدة جرباوي ود. خليل نخلة: تمكين الأجيال الفلسطينيّة: التّعليم والتعلّمتحت ظروف قاهرة "مؤسّسة مواطن"، رام الله: فلسطين – 2008.
[2] للمزيد Nabila Espanioly; "Herstory"- CEDAW report 1997
[3] كامل منسي، التّعليم في القدس ـ التّطوّر التاّريخيّ والواقع في ظلّ الاحتلال،صامد الاقتصاديّ، السّنة الثّالثة عشرة، العدد 85 ، تمّوز وآب، أيلول1991 •
[4] د. محمّد صالح خطّاب: دراسة شاملة لواقع تنمية الطّفولة المبكرة في الشّرقالأوسط وشمال أفريقيا: يونيسف عمّان الأردن 1995
[5] المصدر نفسه.
[6] مؤسّسة التّعاون: براعم الغد في مسيرة العطاء، مؤسّسة "التّعاون" 1983-1998
[7] الترجمة من الباحثة
[8] في بعض المناطق خاصّة الضفة وأراضي ال 48